فصل: قال الفخر:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



ولما كانت آيات الأنفس أدق وأدل على القدرة والاختيار بما لها من التجدد والاختلاف. قال: {لقوم} أي فيهم أهلية القيام بما يحاولونه {يوقنون} أي يتجدد لهم العروج في درجات الإيمان إلى أن يصلوا إلى شرف الإيقان. فلا يخالطهم شك في وحدانيته؛ قال الحرالي في تفسير {أوكالذي مر على قرية}: آية النفس منبهة على آية الحس. واية الحس منبهة على آية النفس. إلا أن آية النفس أعلق. فهي لذلك أهدى. غاية آية الافاق الإيمان. وغاية آية النفس اليقين.
ولما ذكر الظرف وما خلق لأجله من الناس. ضم إليهم بعض ما خلقه لأجلهم لشرفه بالحياة. أتبعه ما أودع الظرف من المرافق لأجل الحيوان فقال: {واختلاف الّيل والنهار} بذهاب أحدهما ووجود الآخر بعد ذهابه على التعاقب آية متكررة للدلالة على القدرة على الإيجاد بعد الإعدام بالبعث وغيره. وجر {اختلاف} بتقدير (في) فينوب حرف العطف مناب عامل واحد للابتداء عند من رفع (آيات). ومناب (إن) عند من نصب. فلم يلزم نيابته مناب عاملين مختلفين في الابتداء في الرفع وفي (إن) في النصب.
ولما كان المطر أدل مما مضى على البعث والعزة. لأن الشيء كلما قل الإلف له كان أمكن للتأمل فيه. أولاه إياه فقال: {وما أنزل الله} أي الذي تمت عظمته فنفذت كلمته.
ولما كان الأنزال قد يستعمل فيما اتى من علومعنوي وإن لم يكن حسيًا. بين أن المراد هنا الأمران فقال: {من السماء}.
ولما كانت منافع السماء غير منحصرة في الماء قال: {من رزق} أي مطر وغيره من الأسباب المهيئة لإخراج الرزق {فأحيا به} أي بسببه وتعقبه {الأرض} أي الصالحة للحياة. ولذلك قال: {بعد موتها} أي يبسها وتهشم ما كان فيها من النبات وانقلابه بالاختلاط بترابها ترابًا. فإذا نزل عليها الماء جمعه منها فأخرجه على ما كان عليه كلما تجدد نزوله. ولذلك لم يأت بالجار إشارة إلى دوام الحياة بالقوة إن لم يكن بالفعل.
ولما ذكر ما يشمل الماء. ذكر سبب السحاب الذي يحمله فقال: {وتصريف الرياح} في كل جهة من جهات الكون وفي كل معنى من رحمة وعذاب وغير ذلك من الأسباب. ولم يذكر الفلك والسحاب كما في البقرة لاقتضاء اللبابية المسماة بها الحواميم. ذلك لأنهما من جملة منافع التصريف. وتوحيد حمزة والكسائي أبلغ لأن تصريف الشيء الواحد في الوجوه الكثيرة أعجب {آيات} قراءة الرفع أبلغ لإشارتها بعدم الحاجة إلى التأكيد إلى أن ما في الآية ظاهر الدلالة على القدرة والاختيار للصانع بما في التصريف من الاختلاف. والماء بما يحدث عنه من الأنبات أوضح دلالة من بقيتها على البعث. ولاجل شدة ظهورها ناط الأمر فيها بالعقل فقال: {لقوم يعقلون} وقال القالي: والمعنى أن المنصفين لما نظروا في السماوات والأرض وأنه لابد لهما من صانع آمنوا. فإذا نظروا في خلق أنفسهم ونحوها ازدادوا إيمانًا فأيقنوا. فإذا نظروا في سائر الحوادث عقلوا واستحكم علمهم.
ولما ذكر هذه الآيات العظيمات. وكانت كلها مشتركة في العظم. بعد ما أشار إلى تباين رتبها في الخفاء والجلاء بفواصلها. قال مشيرًا إلى علورتبها بأداة البعد: {تلك} أي الآيات الكبرى {آيات الله} أي دلائل المحيط بصفات الكمال التي لا شيء أجلى ولا أظهر ولا أوضح منها.
ولما كان كأنه قيل: ما لها؟ قال. أو يكون المراد: نشير إليها حال كوننا {نتلوها} أي نتابع قصها {عليك} سواء كانت مرئية أو مسموعة. متلبسة {بالحق} أي الأمر الثابت الذي لا يستطاع تحويله فليس بسحر ولا كذب. فتسبب عن ذلك حينئذ الأنكار عليهم وعلى من يطلب إجابتهم إلى المقترحات طمعًا في إيمانهم في قوله تعالى: {فبأي حديث} أي خبر عظيم صادق يتجدد علمهم به يستحق أن يتحدث به. واستغرق كل حديث فقال: {بعد الله} أي الحديث الأعظم عن الملك الأعلى {وآياته} أي والحديث عن دلالاته العظيمة {يؤمنون} من خاطب- وهم الجمهور- ردوه على قوله: {وفي خلقكم} وهو أقوى تبكيتًا. وغيرهم وهم أبو عمرو وحفص عن عاصم وروح عن يعقوب رأوا أن ذلك الخطاب صرف إلى خطاب النبي- صلى الله عليه وسلم- في قوله: {نتلوها عليك بالحق}. اهـ.

.القراءات والوقوف:

قال النيسابوري:

.القراءات:

{وفي خلقكم} مدغمًا: عباس.
{آيات} بالنصب في الموضعين: حمزة وعلي ويعقوب {الريح} على التوحيد: حمزة وعلي وخلف {يؤمنون} على الغيبة: أبو جعفر ونافع وابن كثير وأبو عمرو وسهل وحفص {أليم} مذكور في (سبأ) {لنجزي} بالنون: ابن عامر وحمزة وعلي وخلف {ليجزي} بالياء مبنيًا للمفعول {قوم} بالرفع: يزيد. الباقون: مبنيًا للفاعل {قومًا} سواء بالنصب: حمزة وعلي وخلف وحفص وروح وزيد {غشوة} بفتح الغين وسكون الشين من غير ألف: حمزة وعلي وخلف 3 {كل أمة تدعي} بالنصب على الإبدال من الأول: يعقوب {الساعة} بالنصب: حمزة {لا يخرجون} من الخروج حمزة وعلي وخلف.

.الوقوف:

{حم} كوفي o {الحكيم} o {للمؤمنين} o ط ومن نصب. {آيات} لم يقف لأنها عطف المفردين على المفردين وهما الخبر واسم أن المفردين {يوقنون} o لا للعطف على {عاملين} كما يجيء {يعقلون} o {بالحق} ج للاستفهام مع الفاء {يؤمنون} o {أثيم} o {يسمعها} ج لأنقطاع النظم مع فاء التعقيب {أليم} o {هزوًا} ط {مهين} o ط لأنه لو وصل اشتبه بأنها وصف {عذاب جهنم} ج لعطف المختلفين {أولياء} ج لذلك {عظيم} o {هدى} ط لأن ما بعده مبتدأ مع العاطف {أليم} o {تشكرون} o ج للآية مع العطف {منه} ط {يتفكرون} ج {يكسبون} o {فلنفسه} ج {فعليها} ز لأن (ثم) لترتيب الأخبار مع اتحاد القصة {ترجعون} o {العالمين} o ج للآية والعطف {من الأمر} ج لعطف المختلفتين {بينهم} ط {يختلفون} o {لا يعلمون} o {شيئًا} ج {بعض} ج للتمييز بين الحالين المختلفين مع اتفاق الجملتين {المتقين} o {يوقنون} o {الصالحات} قف ومن نصب {سواء} لم يقف.
{ومماتهم} ط {يحكمون} o {لا يظلمون} o {غشاوة} ط {من بعد الله} ط {تذكرون} o {الدهر} ج لاحتمال الواوالحال {من علم} ج لأنقطاع النظم مع اتصال المعنى {يظنون} o {صادقين} o {لا يعلمون} o {والأرض} ط {المبطلون} o {جاثية} قف لمن قرأ {كل} بالرفع {كتابها} ط {تعملون} o {بالحق} o ط {تعملون} o {في رحمته} ط {المبين} o {مجرمين} o {ما الساعة} لا تحرزًا عن الابتداء بقول الكفار {بمستيقنين} o {يستهزؤون} o {ناصرين} o {الدنيا} ج للعدو ل عن الخطاب إلى الغيبة {يستعتبون} o {العالمين} o {والأرض} ص لعطف الجملتين المتفقتين {الحكيم} o. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

{حم (1) تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (2)} فيه مسائل:
المسألة الأولى:
اعلم أن قوله: {حم تنزيل الكتاب} وجوهًا الأول: أن يكون {حم} مبتدأ و{تَنزِيلُ الكتاب} خبره وعلى هذا التقدير فلابد من حذف مضاف. والتقدير تنزيل حم. تنزيل الكتاب. و{مِنَ الله} صلة للتنزيل الثاني: أن يكون قوله: {حم} في تقدير: هذه حم ثم نقول: {تَنزِيلُ الكتاب} واقع من الله العزيز الحكيم الثالث: أن يكون {حم} قسمًا و{تنْزِيل الكتاب} نعتًا له. وجواب القسم {إِنَّ فِي السموات} والتقدير: وحم الذي هو تنزيل الكتاب أن الأمر كذا وكذا.
المسألة الثانية:
قوله: {العزيز الحكيم} يجوز جعلهما صفة للكتاب. ويجوز جعلهما صفة لله تعالى. إلا أن هذا الثاني أولى. ويدل عليه وجوه الأول: أنا إذا جعلناهما صفة لله تعالى كان ذلك حقيقة. وإذا جعلناهما صفة للكتاب كان ذلك مجازًا والحقيقة أولى من المجاز الثاني: أن زيادة القرب توجب الرجحان الثالث: أنا إذا جعلنا العزيز الحكيم صفة لله كان ذلك إشارة إلى الدليل الدال على أن القرآن حق. لأن كونه عزيزًا يدل على كونه قادرًا على كل الممكنات وكونه حكيمًا يدل على كونه عالمًا بجميع المعلومات غنيًا عن كل الحاجات. ويحصل لنا من مجموع كونه تعالى: عزيزًا حكيمًا كونه قادرًا على جميع الممكنات. عالمًا بجميع المعلومات. غنيًا عن كل الحاجات. وكل ما كان كذلك امتنع منه صدور العبث والباطل. وإذا كان كذلك كان ظهور المعجز دليلًا على الصدق. فثبت أنا إذا جعلنا كونه عزيزًا حكيمًا صفتين لله تعالى يحصل منه هذه الفائدة. وأما إذا جعلناهما صفتين للكتاب لم يحصل منه هذه الفائدة. فكان الأول أولى. والله أعلم.
ثم قال تعالى: {إِنَّ فِي السموات والأرض لآيات لّلْمُؤْمِنِينَ} وفيه مباحث:
البحث الأول: أن قوله: {إِنَّ في السموات والأرض لآيات} يجوز إجراؤه على ظاهره. لأنه حصل في ذوات السموات والأرض أحوال دالة على وجود الله تعالى مثل مقاديرها وكيفياتها وحركاتها. وأيضًا الشمس والقمر والنجوم والجبال والبحار موجودة في السموات والأرض وهي آيات. ويجوز أن يكون المعنى: إن في خلق السموات والأرض كما صرّح به في سورة البقرة في قوله: {إِنَّ فِي خَلْقِ السموات والأرض} [البقرة: 164] وهو يدل على وجود القادر المختار في تفسير قوله: {الحمد للَّهِ الذي خَلَقَ السموات والأرض} [الأنعام: 1].
البحث الثاني: قد ذكرنا الوجوه الكثيرة في دلالة السموات والأرض على وجود الإله القادر المختار في تفسير قوله: {الحمد للَّهِ الذي خَلَقَ السموات والأرض} ولا بأس بإعادة بعضها فنقول إنها تدل على وجود الإله من وجوه: الأول: أنها أجسام لا تخلوعن الحوادث. وما لا يخلوعن الحوادث فهو حادث فهذه الأجسام حادثة وكل حادث فله محدث الثاني: أنها مركبة من الأجزاء وتلك الأجزاء متماثلة. لما بينا أن الأجسام متماثلة. وتلك الأجزاء وقع بعضها في العمق دون السطح وبعضها في السطح دون العمق فيكون وقوع كل جزء في الموضع الذي وقع فيه من الجائزات وكل جائز فلابد له من مرجح ومخصص الثالث: أن الأفلاك والعناصر مع تماثلها في تمام الماهية الجسمية اختص كل واحد منها بصفة معينة كالحرارة والبرودة واللطافة والكثافة الفلكية والعنصرية. فيكون ذلك أمرًا جائزًا ولابد لها من مرجح الرابع: أن أجرام الكواكب مختلفة في الألوان مثل كمودة زحل. وبياض المشتري. وحمرة المريخ. والضوء الباهر للشمس. ودرية الزهرة. وصفرة عطارد. ومحوالقمر. وأيضًا فبعضها سعيدة. وبعضها نحسة. وبعضها نهاري ذكر. وبعضها ليلي أنثى. وقد بينا أن الأجسام في ذواتها متماثلة. فوجب أن يكون اختلاف الصفات لأجل أن الإله القادر المختار خصص كل واحد منها بصفته المعينة الخامس: أن كل فلك فإنه مختص بالحركة إلى جهة معينة ومختص بمقدار واحد من السرعة والبطء. وكل ذلك أيضًا من الجائزات. فلابد من الفاعل المختار السادس: أن كل فلك مختص بشيء معين وكل ذلك أيضًا من الجائزات. فلابد من الفاعل المختار. وتمام الوجوه مذكور في تفسير تلك الآيات.
البحث الثالث: قوله: {لآيات لّلْمُؤْمِنِينَ} يقتضي كون هذه الآيات مختصة بالمؤمنين. وقالت المعتزلة إنها آيات للمؤمن والكافر. إلا أنه لما انتفع بها المؤمن دون الكافر أضيف كونها آيات إلى المؤمنين. ونظيره قوله تعالى: {هُدىً لّلْمُتَّقِينَ} [البقرة: 2] فإنه هدىً لكل الناس كما قال تعالى: {هُدىً لّلنَّاسِ} [البقرة: 185] إلا أنه لما انتفع بها المؤمن خاصة لا جرم قيل {هُدىً لّلْمُتَّقِينَ} فكذا ههنا. وقال الأصحاب الدليل والآية هو الذي يترتب على معرفته حصو ل العلم. وذلك العلم إنما يحصل بخلق الله تعالى لا بإيجاب ذلك الدليل. والله تعالى إنما خلق ذلك العلم للمؤمن لا للكافر فكان ذلك آية دليلًا في حق المؤمن لا في حق الكافر والله أعلم.
ثم قال تعالى: {وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِن دَابَّةٍ ءايات لّقَوْمٍ يُوقِنُونَ} وفيه مباحث:
البحث الأول: قال صاحب (الكشاف): قوله: {وَمَا يَبُثُّ} عطف على الخلق المضاف لا على الضمير المضاف إليه. لأن المضاف ضمير متصل مجرور والعطف عليه مستقبح. فلا يقال مررت بك وزيد. ولهذا طعنوا في قراءة حمزة {تَسَاءلُونَ بِهِ والأرحام} [النساء: 1] بالجر في قوله: {والأرحام} وكذلك إن الذين استقبحوا هذا العطف. فلا يقولون مررت بك أنت وزيد.
البحث الثاني: قرأ حمزة والكسائي {ءايات} بكسر التاء وكذلك الذي بعده {وَتَصْرِيفِ الرياح ءايات} والباقون بالرفع فيهما. أما الرفع فمن وجهين ذكرهما المبرد والزجاج وأبوعلي: أحدهما: العطف على موضع إن وما عملت فيه. لأن موضعهما رفع بالابتداء فيحمل الرفع فيه على الموضع. كما تقول إن زيدًا منطلق وعمر. و{أَنَّ الله بَرِيء مّنَ المشركين ورسولهُ} [التوبة: 3] لأن معنى قوله: {أَنَّ الله بَرِيء} أن يقول الله بريء من المشركين ورسوله. والوجه الثاني: أن يكون قوله: {وَفِي خَلْقِكُمْ} مستأنفًا. ويكون الكلام جملة معطوفة على جملة أخرى كما تقول إن زيدًا منطلق وعمرو كاتب. جعلت قولك وعمرو كاتب كلامًا آخر. كما تقول زيد في الدار وأخرج غدًا إلى بلد كذا. فإنما حدثت بحديثين ووصلت أحدهما بالآخر بالواو. وهذا الوجه هو اختيار أبي الحسن والفراء. وأما وجه القراءة بالنصب فهو بالعطف على قوله: {إِنَّ فِي السموات} على معنى وإن في خلقكم لآيات ويقولون هذه القراءة إنها في قراءة أُبي وعبد الله {لآيات} ودخو ل اللام يدل على أن الكلام محمول على إن.
البحث الثالث: قوله: {وَفِي خَلْقِكُمْ} معناه خلق الإنسان. وقوله: {وَمَا يَبُثُّ مِن دَابَّةٍ} إشارة إلى خلق سائر الحيوانات. ووجه دلالتها على وجود الإله القادر المختار أن الأجسام متساوية فاختصاص كل واحد من الأعضاء بكونه المعين وصفته المعينة وشكله المعين. لابد وأن يكون بتخصيص القادر المختار. ويدخل في هذا الباب انتقاله من سن إلى سن آخر ومن حال إلى حال آخر. والاستقصاء في هذا الباب قد تقدم.
ثم قال تعالى: {واختلاف الليل والنهار} وهذا الاختلاف يقع على وجوه: أحدها: تبدل النهار بالليل وبالضد منه وثانيها: أنه تارة يزداد طو ل النهار على طو ل الليل وتارة بالعكس وبمقدار ما يزداد في النهار الصيفي يزداد في الليل الشتوي وثالثها: اختلاف مطالع الشمس في أيام السنة.
ثم قال تعالى: {وَمَا أَنَزَلَ الله مِنَ السماء مِّن رِزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الأرض بَعْدَ مَوْتِهَا} وهو يدل على القول بالفاعل المختار من وجوه أحدها: إنشاء السحاب وإنزال المطر منه وثانيها: تو لد النبات من تلك الحبة الواقعة في الأرض وثالثها: تو لد الأنواع المختلفة وهي ساق الشجرة وأغصانها وأو راقها وثمارها ثم تلك الثمرة منها ما يكون القشر محيطًا باللب كالجوز واللوز. ومنها ما يكون اللب محيطًا بالقشر كالمشمش والخوخ. ومنها ما يكون خاليًا من القشر كالتين. فتو لد أقسام النبات على كثرة أصنافها وتباين أقسامها يدل على صحة القول بالفاعل المختار الحكيم الرحيم.
ثم قال: {وَتَصْرِيفِ الرياح} وهي تنقسم إلى إقسام كثيرة بحسب تقسيمات مختلفة فمنها المشرقية والمغربية والشمالية والجنوبية. ومنها الحارة والباردة ومنها الرياح النافعة والرياح الضارة. ولما ذكر الله تعالى هذه الأنواع الكثيرة من الدلائل قال إنها آيات لقوم يعقلون.
واعلم أن الله تعالى جمع هذه الدلائل في سورة البقرة فقال: {إن في خلق السموات والأَرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون}.